الأربعاء، 23 مارس 2011

حكاية « فـأر » تحوّل إلى « نـمر »


حكاية « فـأر » تحوّل إلى « نـمر »
بقلم د. محمود عمارة - 08 . 03 . 2010




« بلد » مساحته تعادل مساحة محافظة الوادي الجديد في مصر « 320 ألف كيلو متر مربع » ... و عدد سكانه 27 مليون نسمة أي ثلث عدد سكان المحروسة ... كانوا حتى عام 1981 يعيشون فى الغابات ، و يعملون فى زراعة المطاط ، و الموز ، و الأناناس ، و صيد الأسماك ... و كان متوسط دخل الفرد أقل من آلف دولار سنوياً ... و الصراعات الدينية « 18 ديانة » هي الحاكم ... حتى أكرمهم الله برجل أسمه « 
Mahadir Bin Mohamat‏ » ، حسب ما هو مكتوب في السجلات الماليزية ... أو « مهاتير محمد » كما نسميه نحن ... فهو الإبن الأصغر لتسعة أشقاء ... والدهم مدرس ابتدائي راتبه لا يكفي لتحقيق حلم إبنه « مهاتير » بشراء عجلة يذهب بها إلى المدرسة الثانوية ... فيعمل « مهاتير » بائع « موز » بالشارع حتى حقق حلمه ، و دخل كلية الطب في سنغافورة المجاورة ... و يصبح رئيساً لإتحاد الطلاب المسلمين بالجامعة قبل تخرجه عام 1953 ... ليعمل طبيباً في الحكومة الإنكليزية المحتلة لبلاده حتى استقلت « ماليزيـا » في عام 1957 ، و يفتح عيادته الخاصة كـ « جراح » و يخصص نصف وقته للكشف المجاني على الفقراء ... و يفوز بعضوية مجلس الشعب عام 1964 ، و يخسر مقعده بعد خمس سنوات ، فيتفرغ لتأليف كتاب عن « مستقبل ماليزيا الإقتصادي » في عام 1970 ... و يعاد انتخابه «سيناتور» في عام 1974 ... و يتم اختياره وزيراً للتعليم في عام1975 ، ثم مساعداً لرئيس الوزراء في عام 1978 ، ثم رئيساً للوزراء في عام 1981 ، أكرر فى عام 1981 ، لتبدأ النهضة الشاملة التي قال عنها في كلمته بمكتبة الإسكندرية إنه استوحاها من أفكار النهضة المصرية على يد محمد علي ... فماذا فعل « الجراح الماليزي » ؟






أولاً : رسم خريطة لمستقبل ماليزيا حدد فيها الأولويات و الأهداف و النتائج ، التي يجب الوصول إليها خلال 10 سنوات ... و بعد 20 سنة ... حتى عام 2020 !!!

ثانياً :
 قرر أن يكون التعليم و البحث العلمي هما الأولوية الأولى على رأس الأجندة ، و بالتالي خصص أكبر قسم في ميزانية الدولة ليضخ في التدريب و التأهيل للحرفيين ... و التربية و التعليم ... و محو الأمية ... و تعليم الإنكليزية ... و في البحوث العلمية ... كما أرسل عشرات الآلاف كبعثات للدراسة في أفضل الجامعات الأجنبية ...
فلماذا « الجيش » له الأولوية و هم ليسوا في حالة حرب أو تهديد ؟
و لماذا الإسراف على القصور و دواوين الحكومة و الفشخرة و التهاني و التعازي و المجاملات و الهدايا ... طالما أن ما يحتاجه البيت يحرم على الجامع ؟


ثالثاً : أعلن للشعب بكل شفافية خطته و استراتيجيته ، و أطلعهم على النظام المحاسبي الذي يحكمه مبدأ الثواب و العقاب للوصول إلى « النهضة الشاملة » ، فصدقه الناس و مشوا خلفه ليبدأوا « بقطاع الزراعة » ... فغرسوا مليون شتلة « نخيل زيت » في أول عامين لتصبح ماليزيا أولى دول العالم في إنتاج و تصدير « زيت النخيل » !!!


ففي قطاع السياحة ... قرر أن يكون المستهدف في عشر سنوات هو 20 مليار دولار بدلاً من 900 مليون دولار عام 1981 ، لتصل الآن إلى 33 مليار دولار سنوياً ... و ليحدث ذلك ، حوّل المعسكرات اليابانية التي كانت موجودة من أيام الحرب العالمية الثانية إلى مناطق سياحية تشمل جميع أنواع الأنشطة الترفيهية و المدن الرياضية و المراكز الثقافية و الفنية ... لتصبح ماليزيا « مركزاً عالمياً » للسباقات الدولية في السيارات ، و الخيول ، و الألعاب المائية ، و العلاج الطبيعي ، و... و... و...



و في قطاع الصناعة ... حققوا في عام 1996 طفرة تجاوزت 46% عن العام السابق بفضل المنظومة الشاملة و القفزة الهائلة في الأجهزة الكهربائية ، و الحاسبات الإلكترونية.


و في النشاط المالي ... فتح الباب على مصراعيه بضوابط شفافة أمام الإستثمارات المحلية و الأجنبية لبناء أعلى برجين توأم في العالم ... بتروناس ... يضمان65 مركزاً تجارياً في العاصمة كوالالمبور وحدها ... و أنشأ البورصة التي وصل حجم تعاملها اليومي إلى ألفي مليون دولار يومياً. 


و أنشأ أكبر جامعة إسلامية على وجه الأرض ، أصبحت ضمن أهم خمسمائة جامعة في العالم يقف أمامها شباب الخليج بالطوابير ، كما أنشأ عاصمة إدارية جديدة 
Putrajaya‏ بجانب العاصمة التجارية « كوالالمبور » التي يقطنها الآن أقل من 2 مليون نسمة ، و لكنهم خططوا أن تستوعب ملايين عام 2020 ، و لهذا بنوا مطارين و عشرات الطرق السريعة تسهيلاً للسائحين و المقيمين و المستثمرين الذين أتوا من الصين و الهند و الخليج و من كل بقاع الأرض ، يبنون آلاف الفنادق بدءًا من الخمس نجوم حتى الموتيلات بعشرين دولار فى الليلة

0 التعليقات: